يعدٌ التعليم الأخضر أحد مفاهيم المجال البيئي الحديثة, اتجهت له بعض الدول بهدف العناية بالبيئة والسعي نحو تحقيق التنمية المستدامة, يسعى بدوره إلى توفير بيئة طبيعيّة جاذبة من حيث تصميم الرياض والمساحات الخضراء وتعزيز ممارسة أنشطة صديقة للبيئة.
ويعّرف التعليم الأخضر بأنّه” التعليم الذي يسعى إلى تدريب الأطفال على المشاركة بأنشطة وممارسات عمليّة بهدف تعزيز المهارات البيئية الحياتية المتناسبة مع الاستخدام الصحيح للموارد وتوظيف التكنولوجيا المتطّوّرة وخلق بيئة محفزة لبناء مهارات الإبداع وتنمية الثقافة الفكريّة والتواصل الفعّال بين عناصر العمليّة التعليميّة جميعها وفق معايير صديقة للبيئة”. وأصبح التعليم الأخضر مطلباً هامّاً لكلّ دول العالم التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة.
التوجّه العالميّ نحو التعليم الأخضر:
مع زيادة الاهتمام الدوليّ بقضايا البيئة وضرورة إيجاد حلول سريعة وفعّالة لمشكلاتها البيئة, فرض عليهم نشر ثقافة بيئيّة من خلال الرياض والمدارس والجامعات الخضراء.
فحدوث كثير من المشكلات البيئّية كالتلوّث وتغيّر المناخ وأزمة الطاقة, يفرض على العالم أن يبحث عن أنظمة ونماذج جديدة للتنمية المستدامة, من خلال تعزيز استخدام الطاقة المتجّددة وتحسين إدارة الموارد الطبيعيّة وجودة البيئة في الأماكن المغلقة وترشيد استهلاك المياه, لتوفير بيئة صحّية وآمنة للإنسان, وبالتالي تعزيز بيئة التعّلم والتعليم والتدريب وتشجيع الرياض على تبنّي المبادرة وتنمية وعي المعلّمين والأطفال بقضايا البيئة والتنمية المستدامة, وتحمّل المسؤولّية في الحفاظ على الموارد الطبيعيّة لتلبية حاجات الأجيال القادمة.

حيث ادى تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث لأزمة كوكبية تتطلب استجابة عاجلة. يصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أزمة المناخ بأنها “معركة من أجل حياتنا”، حيث ما نزال نكافح لتحويل مجتمعاتنا للوصول إلى مسار 1.5 درجة الذي أوصى به اتفاق باريس. في عالم متزايد التعقيد والترابط مع تهديد وجودي حقيقي مثل تغير المناخ، هناك دعوة متزايدة للتعليم لتمكين الأفراد، كعوامل للتغيير، من اكتساب المعرفة والمهارات والقيم والمواقف التي تؤدي إلى التحول الأخضر. لمجتمعاتنا، على النحو المنصوص عليه في الهدف 4.7 من أهداف التنمية المستدامة، وفي الواقع، في خطة عام 2030 بأكملها.


ومع ذلك، تُظهر النتائج الأخيرة التي توصلت إليها اليونسكو أن حوالي نصف البلدان المائة التي تمت مراجعتها لم تذكر تغير المناخ في أطر مناهجها الوطنية. وبينما شعر 95% من المعلمين الذين شملهم الاستطلاع بأهمية تدريس تغير المناخ، شعر أقل من 30% بأنهم مستعدون للتدريس حول تغير المناخ فيما يتعلق بسياقهم المحلي. ويتناقض هذا مع النداء العاجل الذي أطلقه الشباب خلال حدث ما قبل مؤتمر الشباب من أجل المناخ في عام 2021، والذي يدعو الحكومات إلى تغيير أنظمة التعليم لتعليم المستقبل.


وباعتبار وكالة الأمم المتحدة الرائدة في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD)، تقود اليونسكو الجهود العالمية مع الشركاء وأصحاب المصلحة لتعزيز التعليم التحويلي لمعالجة أزمة الكوكب، من خلال الإطار العالمي الجديد للفترة (2020 – 2030)، بعنوان “التعليم من أجل التنمية المستدامة: نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة “(التعليم من أجل التنمية المستدامة لعام 2030)، والذي يركز على 5 مجالات عمل ذات أولوية تتعلق بالسياسة ومؤسسات التعلم والمعلمين والشباب والمجتمعات لضمان تمكين جميع المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم اللازمة والمواقف لقيادة التحول المجتمعي الأخضر.
يقع على المؤسسات التربوية والتعليمية بأكملها قيادة التحول لضمان تمكين جميع المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم والمواقف اللازمة لقيادة التحول المجتمعي الأخضر. وينبغي بذل الجهود لتحريك ثقافة المؤسسة التربوية والتعليمية نحو التعاون والتضامن والممارسات المستدامة وإدماج جميع الأجناس والخلفيات حتى يتمكن الطلاب من تعلم ما يعيشونه ويعيشون ما يتعلمونه.
    قضية التغيرات المناخية  إحدى التحديات التي تواجه العالم الآن؛ بسبب تأثيراتها في المناحي المختلفة، فبسبب التغيرات المناخية صرنا نواجه ظواهر لم نعتدها من قبل، ولذلك وجدت الدول أن هناك ضرورة ملحة لتوعية المواطنين بهذه الظواهر وكيفية التعامل معها، حتى نحد منها، بالإضافة إلى تعلم كيفية التعامل مع هذه الظواهر الجديدة. ومن هنا تأتي أهمية التعليم باعتباره أداة مهمة لتوعية أفراد المجتمع، وتعريفهم بتداعيات التغير المناخي وآليات التعامل مع الواقع الجديد بشكل صحيح. ومن ناحية أخرى فنشء اليوم هم صانعو القرار في المستقبل، فعلينا أن نضع نصب أعينهم التحديات التي وصل إليها المجتمع.
وبناءً على ذلك، فرضت التغيرات المناخية مفهوماً جديداً في التعليم يُطلق عليه التعليم الأخضر أو بالأدق المدرسة الخضراء، وكلها مصطلحات تشير إلى تأكيد ربط مخرجات العملية التعليمية بشتى المراحل الدراسية المختلفة بمقومات التنمية المستدامة ومواكبة التطور التكنولوجي وتوظيف تقنياته في شتى مجالات العملية التعليمية؛ استناداً لمجموعة معايير ومؤشرات صديقة للبيئة.
نصت المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ، والتي يطلق عليها برنامج عمل نيودلهي (2002 – 2012) ، على أن التعليم والتدريب والوعي العام جزء لا يتجزأ من الاستجابة لمواجهة تغير المناخ. 
صار التعليم الأخضر اتجاهاً متنامياً لدى العديد من الدول ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث صارت الاستدامة وحماية البيئة من الأولويات الوطنية، وتهدف لتعزيز الممارسات المستدامة وإعداد الطلاب لشغل وظائف في المجالات المتعلقة بالاستدامة.